تأملات في الآية الكريمة “يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا”

تأملات في الآية الكريمة "يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا"

تأملات في الآية الكريمة “يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا”

من منا لايعرف قصة نبي الله نوح عليه السلام، الذي عاش في قومه 950 سنة، وظل يدعوهم إلي الله قرونآ من الزمان؟ ..  (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ). تأملات في الآية الكريمة “يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا” .تأملات في الآية الكريمة “يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا” 

ولقد توقفت طويلآ عند هذه الآية الكريمة (يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا)  .. تلك النصيحة الغالية ،التي تحمل الكثير والكثير من المعاني والعبر، وقد خرجت من فم أبٍ مكلوم يري ولده في موضع التهلكة.

تربي هذا الولد في بيت رجل صالح، وعاش في كنف أبيه سنوات طوال، ولما اشتد عوده وقف موقف العداء الشديد من أبيه، وانضم إلي الساخرين من نوح، حتي حانت اللحظة الفارقة وجاء أمر الله وفار التنور.

وركب نوح السفينة مع من آمن معه، ورأي ابنه العاق يصارع الموج، فنادي عليه (يابني) .. كم تحمل هذه الكلمة من عاطفة أبوية لم تتغير، بالرغم من عقوق الابن وبالرغم من الألم الشديد الذي سببه لأبيه، بالوقوف في وجهه والسخرية منه ومن دعوته.

ونذهب إلي رد فعل الابن الذي سمع نداء أبيه، ورأي بعينيه سفينة تلهو بها أمواج عاتية، وعلي الجانب الآخر رأي جبلآ راسيآ، فاستعمل عقله وقال لأبيه (سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ).

أخذ ابن نوح بأسباب النجاة، من وجهة نظره، ولكن لم تسعفه هذه الأسباب وكان من المغرقين.

وهنا يبرز السؤال التالي: من منا لايتعرض في حياته لتلك اللحظة الفارقة التي مر بها ابن نوح؟

ومن منا لم يقف في مفترق طرق وكان عليه أن يختار طريق واحد لكي يسير فيه؟

وكلنا يأخذ بالأسباب كما فعل ابن نوح، ولكن .. هل تجدي الأسباب وحدها؟

هل عصم الجبل الراسي ابن نوح من الغرق والهلاك؟ وهل غرقت السفينة التي كان يسخر منها ومن صانعها ومِن مَن عليها ابن نوح ومن والاهم من الكفار؟

وتتجلي أيضآ في هذه الآية الكريمة رحمة الله بعباده .. فقبل أن يقضي الله سبحانه وتعالي علي ابن نوح ويغرقه، بعث إليه بقارب نجاة متمثلآ في نصيحة أبيه (اركب معنا) .. سبحان الله .. بالرغم من كُفر الولد بالله وعقوقه لأبيه إلا أن الرحمن الرحيم أعطاه فرصة للنجاة، ولكن لأنه (عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) لم يقتنصها وكان من الهالكين.

وفي حياة كل منا يرسل الله إلينا بمن ينصحنا (لنركب معه) .. ويقف الانسان حائرآ ماذا يفعل؟ هل يقبل النصيحة أم يدير ظهره لها؟

وتأتي الهداية والنجاة دائمآ لمن يعتصم بالله، ويؤمن به حق الإيمان ويعمل صالحآ، فلا يشك لحظة أنه سيصل بسفينته إلي بر الأمان برحمة الله تعالي (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ).

المصدر .

اقرأ أيضا ..